في عهد الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز، عمّ العدل والخير أرجاء بلاد المسلمين، حتى صارت مثالًا يُحتذى به في الرخاء والازدهار. ورث عمر الخلافة في زمن انتشر فيه الفساد والظلم، فكان أول ما فعله أن أعاد الحقوق إلى أهلها وأصلح أمور بيت المال.
بدأ الخليفة بتوزيع المال على الفقراء والمحتاجين، ولم يترك مظلومًا إلا أنصفه، ولا محتاجًا إلا أغناه. أمر عمّاله في الأقاليم أن يبحثوا عن الفقراء ليعطوهم من مال المسلمين، ولكن المفاجأة كانت أن العمال لم يجدوا أحدًا يقبل الصدقة.
لم يقتصر إصلاحه على الأموال فحسب، بل أمر بزراعة الأراضي المهجورة وتوزيعها على الفلاحين، مما وفر فرص العمل وأحيا الأراضي البور. كما أنشأ طرقًا جديدة وسدودًا تحفظ مياه الأمطار لتكون مصدرًا لريّ الزروع.
وفي ظل هذه السياسة الحكيمة، لم يبقَ أحد بحاجة إلى مساعدة. يُروى أن أحد عمّاله كتب إليه يقول: "يا أمير المؤمنين، لقد أغنينا الفقراء، ولم نجد من يأخذ الصدقة!" فأمره عمر أن يزرع القمح على رؤوس الجبال، وقال: "ازرعوه؛ كي لا يُقال إن طيرًا جاع في بلاد المسلمين."
اهتم عمر بن عبد العزيز أيضًا بنشر العلم والقضاء بين الناس، فعاشت البلاد في أمن واستقرار لم يُعرف له مثيل. وقد أحبّه الناس لدينه وعدله، وبقيت سيرته نموذجًا يُحتذى به على مر العصور.
هكذا أثبت الخليفة عمر بن عبد العزيز أن العدل والإيمان قادران على تغيير واقع الأمة، وأن بالعمل الصالح تُبنى الحضارات، حتى لا يبقى فقير أو محتاج في بلاد المسلمين.